تعتمد فكرة رواية “القارورة” على مذكرات كاتبة صحفية ثلاثينية سعودية اسمها “منيرة الساهي”، تعيش في الرياض وتتحدث عن أزمة حرب الخليج الثانية التي تزامنت مع أزمة حربها الشخصية مع جندي مراسل يتقمَّص شخصية رائد في الجيش، ويتَّخذ بدلا من اسمه “حسن العاصي” اسماً آخر هو “علي الدحَّال”، هذا الجندي المراسل ينتقم لكرامته الشخصية بعد أن أهانه شقيق الضحية الرائد “صالح الساهي”،
حين سأل المراسل عما إذا كانت “منيرة” شقيقته؟ فضربه وخصم من مرتبه، لأنه تطاول وذكر اسم اخته، حيث اسم الأم أو الأخت لا يحبذ ذكره في بعض أنحاء السعودية، ويدخل في العيب. يأتي سفر الرائد صالح الساهي في دورة تدريبية إلى بريطانيا قبيل احتلال العراق للكويت، وكذلك يبدأ “الدحَّال” لعبته في الإيقاع بالضحية منيرة، ويمثل عليها وعلى أهلها دور المحب والخطيب، وتمر مواقف كثيرة لا يكتشف فيها أمر كذبته حتى ليلة الزواج حين تعرَّف عليه أحد أقارب العروس، وكادت أن تحدث جريمة قتل، لكن الأمر تحوَّل إلى المحكمة، لتطالب “منيرة” بإلغاء عقد الزواج وتطليقها منه، فيقف القاضي إلى جوار المتهم، الذي إدعى أنه وقع ضحية سحر للمدَّعية، وينصرف نظر القاضي من قضية تزوير كبيرة إلى أظافر منيرة التي يطالب أخاها بأن تقص أظافرها كي لاتكون أسيرة للشيطان وأفعاله!.
يتخذ شقيق “منيرة” الأوسط المتطرِّف دينياً، موقفاً حياتياً مضاد لأهله، حيث عاش زمن الحرب ضد السوفييت في أفغانستان، قبل أن يعود إلى السعودية ويتاجر في العسل وأشرطة الكاسيت، وهي مجال التجارة الأهم لدى الإسلاميين المتشددين في السعودية، الذين يرفضون العمل مع حكومة الطاغوت، كما يسمون النظام الحاكم. كما تقدَّم الرواية بانوراما واسعة على المجتمع السعودي زمن حرب الخليج، والصراعات التي مرَّ بها المجتمع، وسيطرة التيَّار الديني على المجتمع، ونشاطه المتواصل بالمنشورات وأشرطة الكاسيت، وقوفه ضد النظام الحاكم، وضد دخول القوات الأجنبية إلى بلاد الحرمين، وصراعه مع التيارات الليبرالية ومطالبات التحديث في البلاد، والضغط على الحكومة ضد النساء اللاتي قدن السيارات في مظاهرة المطالبة بحق المرأة في قيادة السيارة، حتى فصلهن من العمل والترويج بالمنشورات على أنهن ساقطات داعيات إلى الرذيلة. كما تعرض الرواية حالات نساء مضطهدات محتجزات في دار رعاية الفتيات التي تعمل فيها الكاتبة الصحفية منيرة، يكشف من خلالها تهميش المرأة والتمايز الطبقي في المجتمع السعودي.
جاء اسم “القارورة” حيث تعقد جدَّة منيرة مسابقة بين حفيداتها الثلاث، بأن تهدي قارورة قديمة للتي تحكي أكثر الحكايات حزناً، فتفوز “منيرة” بعد أن حكت حكاية شعبية قديمة أبكت الجدَّة، داخل هذه القارورة صارت “منيرة” تحتفظ بمذكراتها اليومية الحزينة.
تعرَّضت الرواية إلى المنع من دخول السعودية حيث صدرت أكثر من طبعة في بيروت، كما هاجمتها التيارات الدينية، ووصفتها نساء متطرفات أنها تقدم المرأة السعودية بوصفها إما عاهر، أو مجرمة، أو متطرفة دينياً.
0 تعليق