ثلاث شخصيات، تجمعهم قسوة مدينة “الرياض”، يلتقون في لحظة قصيرة من الزمن في قصر سيدة من وجيهات المجتمع، أحدهم بدوي واسمه “طراد” يعمل لفترة قصيرة بواباً للقصر، والآخر سوداني رقيق يعمل بستانياً، بعدما تم تغيير اسمه حين سرقه الجلابة من السودان إلى جدة، ورأى تاجر الرقيق هناك ضرورة تغيير اسمه بعد أن خصي كي يرتفع ثمنه للعمل داخل القصور بالرياض. أما الثالث فهو شخصية لقيط تتخذه السيدة العقيم ابناً بالتبني، وحين تبدأ ملامح الحمل لديها يعاد بالقوة إلى ملجأ الأيتام أو اللقطاء.
تبدأ الرواية من محطة الباص، حيث طراد يسعى إلى الهروب إلى أي مكان آخر بعيداً عن جحيم المدينة، وتنتهي الرواية بعودته إلى غرفته الصغيرة التي يسكن فيها مع زميله “توفيق” بعد أن انهزم للمرة الأخيرة في الخروج من ذاته وواقعه المأساوي.
يتراوح فضاء الرواية بين الرياض وجدة والسودان، وذلك في أزمان متفاوتة، إذا تعتمد على الفلاش باك أو تيار الوعي لاستعادة طفولة “توفيق” ولحظات سرقته والهروب به مع رقيق عبر البحر الأحمر والمرور بهم بصفتهم حجاج، بينما تعود الذاكرة بشخصية “طراد” إلى الصحراء، وأسرته المكونة من أب وأم مجنونة، و”سيف” الذي لا يعرف أحد هل هرب مع الغجر، أم عشقته جنية وطارت به فوق جناحها، وجعلته ملكاً في إحدى ممالك الجن، وبقي “طراد” وحده يسطو على القوافل ويسرق النوق والغنم وغيرها، كي تعيش أمه وأبوه، ثم يصادق قاطع طريق آخر، واسمه “نهار” ثم يقعان معاً في فخ إحدى القوافل المتجهة إلى الحج، ويدفنهم أمير القافلة في الرمل ما عدا رأسيهما، وهكذا تبلغ الرواية ذروتها، حين يعيشان ليلة صعبة أمام جوع الذئاب.
هذه الليلة خلَّفت أثراً مؤلماً على “طراد” فهرب من الخزي أمام القبائل، ووصمة الذئب في أذنه، لكنه وجد أن المدينة وأهلها أكثر قسوة وشراسة من الصحراء، وأن الأعداء هنا غير واضحين، خلاف المدى الفسيح في الصحراء الذي يعرف فيه عدوه، ويقابله رجلاً لرجل.
0 تعليق