الهاتــف لا يرنّ في القصـص القصـيـرة

27 مايو، 2012 | أخي يفتش عن رامبو | 0 تعليقات

زينب عساف
في مجموعته القصصية الرابعة “أخي يفتش عن رامبو”، الصادرة حديثاً لدى “المركز الثقافي العربي”، يرسم يوسف المحيميد مجموعة من اللوحات الشخصية، يتداخل فيها الفردي بالاجتماعي. قصص قصيرة عبارة عن مشاهدات ورؤى وأحلام وانطباعات وحوادث صغيرة، لا تعتمد حبكة ظاهرة، وإنما إيقاعاً يتكرر فيشكل الحجر الأساس في بنائها.

يسهّل تكرار الجملة على المؤلف بناء القصة، ويكسبها شعرية غير مغالية. وهو تكرار يشبه اللازمة. مثلاً في قصة “أحلام ثقيلة” تتكرر جملة “كنت دائماً أرى ما لا يُرى”، وفي قصة “كأنما أخي يفتش عن رامبو” تتكرر جملة “أخي لم يعد أخي”. يقول الكاتب: “أخي لم يعد أخي، وعيناه لم تعودا تصطادان الأفكار الطائشة في البيوت ذات الأسوار العالية (…) أخي لم يعد أخي، وأذناه لم تعودا وردتين تتفتحان مع الموسيقى (…) أخي لم يعد أخي، منذ أن أعادوه إلينا، لم يعد يكترث بأوراقه وغرفته وطاولة الكتابة، حتى صور الكتّاب والفنانين الملصقة على جدران غرفته تحررت وهبطت من جدرانها ومضت. ذات ليل، شاهدت فوكنر يصطحب ماركيز، وهما يُخرجان القرى والمدن من غرفة أخي، وبعد ساعات قليلة كان ارثور رامبو أيضاً، بشعره المصفوف بعناية، يخرج من الباب لاعناً كل شيء”.
لقصص الكتاب وتيرة واحدة، سلسة وهادئة. والأسلوب يراوح بين الانطباع والسرد. فمعظم الوقت هناك انطباع ما يحاول الكاتب نقله على الورق معتمداً على السرد.
لذعة السخرية التي تطل بين الحين والآخر تمنح النص نكهة واقعية، لأن موضوعات بعض القصص تحمل طابع الصعلكة: “فلا يلبث المالك أن يطردني لأسباب كثيرة، من تأخري عن سداد الأقساط الشهرية للإيجار، إلى دعوى الجار أني عازب ومثير للشك، ولا أصلّي مع الجماعة في المسجد”. كذلك نجد ما يشبه الفكاهة السوداء، كتلك القصة التي حملت عنوان “لا مكان لعاشق في هذه المدينة”، وتتلخص فكرتها في أن رسالة مستعجلة أرسلتها فتاة إلى حبيبها، طلبت منه فيها لقاءه يوم الخميس في مكان معين، خاتمةً الرسالة برجاء كبير: “أمانة، ضروري أشوفك، مسألة مصير”. ولم تصل هذه الرسالة المستعجلة والمصيرية إلا بعد سنة وأربعة أشهر. هنا يشرع الكاتب في حساب كم خميس مرّ، فإذ به يصل إلى النتيجة الآتية: ستون خميساً! مع ذلك يواظب على الذهاب إلى مكان الموعد كل خميس، حتى يلتقيها في نهاية الأمر، وعلى يدها ولد رضيع، الأرجح هو ابنها! يُنهي الكاتب هذه القصة بما يشبه الحلم أو الهلوسة: “أخرجت مفاتيحي من جيبي، ورحت أرسم قلباً وعينين، وما إن مشيت حتى سمعت حفيف امرأة طاغية الجمال تتبعني، وتهمس في أذني: سأعيش معك، حتى لو في بيت دَرَج”.
الكتاب الذي يتألف من ثلاث عشرة قصة قصيرة، يتميز بلذعة شعرية هادئة، وتعبير هادئ، وربما سبب ذلك أن “كل غرفة استأجرها (الكاتب) لا يزيّن صمتها ضجيج هاتف”.

جريدة النهار اللبنانية- الثلاثاء 27 كانون الاول 2005

رجل تتعقبه الغربان: ملخص الرواية

رجل تتعقبه الغربان: ملخص الرواية

يظهر خيط السرد بطريقة جديدة، لا تبدأ بالحاضر، وحظر التجول في مدينة الرياض، أو أربعينات القرن الماضي، ورصد المدينة المحصَّنة بأسوارها الطينية فحسب، وإنما القفز بالزمن في مغامرة مختلفة نحو المستقبل، من خلال منظار روسي...

أكمل القراءة

تلك اليد المحتالة – مختارات

تلك اليد المحتالة – مختارات

لبس ما ظنه الرجل الجالس أمام النافذة حمامة بيضاء بأربعة مناقير وعُرف… كان قفازًا منفوخًا ليد هاربة من وباء، دفعها الهواء بخفَّة. هكذا اكتشف الرجل الوحيد في عزلته. طائرات كلما انفتح باب السوبرماركت الكهربائي عن...

أكمل القراءة

في مديح القاهرة

في مديح القاهرة

ذاكرة الدهشة الأولىقبل ثلاثين عاما تقريبًا، تحديدًا في يناير من العام ١٩٩٢ زرت القاهرة لأول مرة في حياتي وأنا في منتصف العشرينات. جئت لوحدي لأكتشف معرض القاهرة الدولي للكتاب في مقره القديم بشارع صلاح سالم. لا أعرف...

أكمل القراءة

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *