قال إنه لو كانت العلاقات تفيد في الغرب لاكتسحه السعوديون كما اكتسحوا بيروت من قبل … المحيميد: في أميركا سألوني إن كنا نقرأ لكُتّاب يهود الرياض – مشعل العبدلي الحياة – 13/05/08// اعتبر الروائي يوسف المحيميد مشاركته في مهرجان «أصوات عالمية»، مهمة جداً بالنسبة إليه، إذ شارك في ست ندوات ثقافية، نافياً أي دور للعلاقات الشخصية في مثل هذه المشاركات،
لكنه يرى الكتابة الجيدة والثقافة الواسعة هي سبب مشاركاته. ويقول إنه يحرص على تقديم صورة حسنة وعميقة للأديب السعودي، ما يلفت الآخرين له، ويغير النظرة إلى الأدب والمجتمع السعودي. «الحياة» التقت المحيميد وحاورته عن حضور الأدب السعودي في الخارج، عن قضايا الترجمة ودور العلاقات فيها… هنا نص الحوار. * بداية… كيف تصف لنا مشاركتك في فعاليات مهرجان أصوات عالمية، إلى جانب أسماء كبيرة عالمياً؟ – هي مشاركة مهمة جداً على مستوى تجربتي في الكتابة، خصوصاً أنني شاركت في ست ندوات ثقافية، أربع منها في نيويورك مع أسماء مهمة، مثل البريطاني إيان ماك إيوان، والأميركية آني برولكس، في كل من مركز النيويورك تايمز ومكتبة نيويورك العامة، واثنتان في بوسطن مع الصومالي نورالدين فرح في مكتبة هارفارد، وفي جامعة هارفارد. هذه المشاركة أكسبتني فرصة لقاء وحوار عدد كبير من الأسماء المتنوعة من جميع أنحاء العالم، يتحدثون أكثر من 23 لغة، ومن بينهم بارغاس يوسا وإمبرتو إيكو وسلمان رشدي ومايكل اونداتيجي وغيرهم، طبعاً كانت مشاركتي في ندوات متنوعة كنت أعرفها منذ أكثر من شهر، مثل: الأدب الأميركي ونظرة الخارج إليه، وكتب غيرت حياتي، والحياة السرية للمدن، وغيرها. * هل تعتقد أن لترجمتك عن دار «بنجوين» أثراً في توجيه الدعوة لك للحضور والمشاركة في مثل المناسبات؟ – وهل تعتقد أن هناك كاتباً مشاركاً في هذا الملتقى العالمي، لا يوجد لديه على الأقل كتاب واحد مترجم إلى الإنكليزية؟ طبعاً كان لرواية «فخاخ الرائحة» بنسختها الإنكليزية أهمية كبيرة في حضوري، لأنني تحدثت عنها في بعض الندوات، وقمت بالتوقيع على نسخ منها بعد انتهائي من كل ندوة، فالعالم هناك يعمل على النشر كتجارة، ووجود صاحب أي كتاب هناك، هو فرصة ثمينة بالنسبة إليهم من أجل التوقيع، بل قد تستغرب أن مكتبات مثل هارفارد طلبت مني التوقيع على نسخ من أجل عرضها في جناح نسخ موقعة من المؤلف، يمكن حصول القارئ عليها موقعة حتى بعد سفري. * يبدو صعباً للبعض حضور محافل دولية، لأنها تحتاج إلى علاقات ثقافية وشخصية، حتى يستطيع أن يفرض الأديب السعودي اسمه؟ – أشعر بالشفقة أحياناً لمثل هذا الكلام، ولو كان هذا الكلام ينفع أحداً لكان الكتاب السعوديون أكثر الناس حضوراً في المحافل الدولية، خصوصاً أنهم بعد أن وقعوا كتبهم في معرض الرياض، امتطوا سياراتهم نحو معرض البحرين، صدقني لو كانت العلاقات والدفع بالدولار تفيد في الغرب، لاكتسح الروائيون السعوديون الغرب كما اكتسحوا بيروت من قبل. * هل لمست احتفاء خاصاً بك لأنك قادم من بلد، تم تشكيل صورة غير إيجابية عنه؟ وهل من مواقف مميزة تذكرها هنا؟ – لا، ليس الأمر بهذا الشكل، علماً أن كثيراً من المشاركين كانت لديه صورة نمطية غربية عن بلدي وعن إنسان هذا المكان والعالم العربي بأكمله، أعتقد أنني تحدثت عن بلدي ليس بصفة دفع صورة سلبية ما، بل الحديث عن مكان مثله مثل غيره فيه جوانب سلبية وجوانب إيجابية. ومن المواقف المحرجة أن الشعب الأميركي خليط من اثنيات وأعراق وأجناس، ويمتلك الحرية في أن يسأل ما يشاء، ففي جلستي عن الأدب الأميركي في «التايمز»، في قاعة امتلأت بأكثر من 500 شخص. وقد علمت أن الدخول لهذه الفعالية بتذاكر قيمتها 15 دولاراً، وهذه حال مختلفة جذرياً عن العالم العربي. المهم بعد أن تحدثت عن علاقتي بالأدب الأميركي كقارئ، منذ هيمنغواي وشتاينبك وفوكنر، وحتى ريتا دوف وبول أوستر، مروراً بجاك كيرواك وريتشارد فورد وكل جيل «الواقعية القذرة» كما سمتهم المجلة البريطانية «غرانتا». بعد حديثي هذا جاء دور أسئلة الجمهور، فقام أحدهم وهو شاب يهودي، سألني عما إذا كنا في الشرق الأوسط – وهذه بالمناسبة تسمية سياسية بديلة لمسمى العالم العربي- نقرأ لكتاب يهود، أم أن ذلك محرج أو محرم. فأجبته مباشرة في جملتين مختصرتين، وهو أننا حين نقرأ لا نهتم بأصل وجنس وعرق الكاتب، فهناك أدب جيد وأدب رديء. عشاء خاص مع مكيوان * تكاد اليوم تكون الاسم السعودي الأكثر حضوراً على صعيد الفعاليات الثقافية… إلى ماذا تعزو ذلك؟ هل من سر؟ – صدقني أن لا سر أبداً، كل ما هنالك أنني حين أحضر مهرجاناً أقدم صورة حسنة وعميقة للأديب السعودي، ما يلفت الانتباه إلى شخصي وربما يغير النظرة إلى الأدب والمجتمع السعودي، كما حدث ذلك في آخر محاضراتي في جامعة هارفارد، حين شد على يدي رئيس القسم العربي هناك، وهو أميركي يتقن العربية، قائلاً لي حديثك في المحاضرة رائع وإجاباتك كانت مفاجأة حقيقة لي، وهو ما يجعل كاتباً كبيراً مثل إيان مكيوان بعد ندوتنا في «التايمز» وتوقيعنا لكتابينا، يدعوني بشكل شخصي لعشاء قضينا خلاله أكثر من ساعتين نتحاور عن الأدب الجديد في بريطانيا والسعودية والعالم أجمع. ولو أردت مني أن أخبرك السر بشكل شخصي، من دون أن يعرف أحد، فسأهمس في أذنك: كتابة جيدة، وثقافة قرائية واسعة تشكل وعياً جيداً، لأن الوعي الرديء سينكشف بعد أول مهرجان وأول حوار… أليس كذلك؟ * سبق لرجاء عالم ورجاء الصانع أن شاركتا في احتفاليات دولية في فرنسا والمانيا ودول عدة… كيف ترى مثل هذه المشاركات في فتح نافذة من الحوار بين حضارتين وثقافتين مختلفتين تماماً؟ – حتماً هي مشاركات مهمة وضرورية، خصوصاً أنها أيضاً تأتي من كاتبات سعوديات قد يعكسن صورة رائعة عن أدبهن، كل ما أتمناه من رجاء عالم ورجاء الصانع وغيرهما ألا ينساقا إلى أنهن نساء فقط، وسعوديات فحسب، خصوصاً أن العالم يتحدث دائماً عن اضطهاد المرأة العربية عموماً، والسعودية خصوصاً، فعلى كل منهما أن تستغل وجودها في أي ملتقى لتثبت أنها مثلها مثل أي كاتبة العالم، تمتلك الرؤية والأدوات الكتابية. * يتساءل البعض بالنسبة إلى ترجمة روايتك «فخاخ الرائحة» إلى الفرنسية، فعلى رغم أنها حظيت باهتمام بعض الصحف، إلا أنها لم تحقق انتشاراً في المبيع، على غرار رواية «شيكاغو» لعلاء الأسواني، التي ترجمت بعد روايتك، لكنها حققت مبيعاً مرتفعاً تجاوز 150 ألف نسخة… هل تعتقد أن اسم مصر يدعم الأسواني في مثل الانتشار؟ – لا، ليس الأمر بهذا الشكل، فكل بلد له طريقته في التلقي، فرواية الأسواني تم تلقيها بشكل جيد على مستوى المبيعات في فرنسا، لكنها لم تحقق ذلك في أميركا، بينما «فخاخ الرائحة» حققت مبيعات جيدة ككتاب مترجم في أميركا، ولم تحقق المبيعات العالية ذاتها في فرنسا، علماً أن المقاييس يجب ألا تكون هي المبيعات، وإلا كيف نفسر مبيعات باولو كويليو أمام جورج أمادو وهما برازيليان؟ وكيف نفسر مبيعات راولينغ أمام مبيعات ماكيوان وهما بريطانيان؟ وكيف نفسر مبيعات دان براون أمام آني برولكس وهما أميركيان؟ فلعبة السوق لها شروط كثيرة أرجو ألا تكون معياراً للجودة. كلام ساذج ويثير الشفقة * ما الذي ينقص الأدب السعودي ليصبح عالمياً، وما الأسماء التي تعتقد أن أعمالها الروائية ذات صبغة عالمية، أو يمكن للغرب أن يقبل عليها؟ – هناك أعمال وليست أسماء، واعذرني عن تعدادها كي لا أفقد بعض أصدقائي على حساب البعض الآخر. * قيل كلام كثير على صعيد ترجمة الرواية العربية إلى اللغات الأجنبية، بأن الكتاب يلجأون إلى مواضيع بعينها تارة، وأخرى من خلال العلاقات الشخصية، وأيضا يصل الأمر أحياناً إلى دفع تكاليف الترجمة… كيف ترى مثل هذا الكلام؟ وألا ترى أن يشكك في قدرة الرواية العربية والسعودية بخاصة على اختراق محليتها؟ – هذا كلام ساذج ويثير الشفقة فعلاً، لحسن الحظ أنني كتبت «فخاخ الرائحة» في وقت كنت أقول لنفسي: هل سأجد ناشراً عربياً لها أم لا، فكيف لي أن أتنبأ مسبقاً، وأكتب عن موضوع مثير للغرب، أما العلاقات الشخصية ودفع التكاليف فهذا امتياز يخص العالم العربي فقط، أما هناك فأصغر ناشر أجنبي في بريطانيا وأميركا يدفع مقدماً مالياً للمؤلف، وللمترجم أيضاً، وحين يفعل ذلك فيكون قد عرض الكتاب على جميع أقسام الدار الناشرة، وتمت درس الكتاب أشهراً كجدوى اقتصادية، فالكتاب الذي لا يربح لا ينشر، والكاتب الأجنبي الذي لا يحظى بعقد في أول كتاب ومقدم مالي، يتوقف مباشرة عن الكتابة، ويبحث عن مهنة أخرى. …وينفي تلقيه دعوة من رشدي * نفى الروائي يوسف المحيميد تلقيه دعوة من الروائي البريطاني سلمان رشدي لحضور مهرجان الأدب العالمي، الذي تنظمه منظمة قلم الأميركية، مؤكداً أن الدعوة أرسلت له من رئيس المنظمة فرانسين بروس. وقال المحيميد رداً على سؤال لـ»الحياة» حول مشاركته في المهرجان ودور الروائي البريطاني سلمان رشدي فيها: «كما أتلقى عادة أية دعوة من أي مهرجان في العالم، أي من الجهة المنظمة، وهي منظمة قلم الأميركية لمهرجان الأدب العالمي، ورئيسها فرانسين بروس، ومديرتها كارو ليولين، وهي فرصة حقيقية لحضور العالم العربي واللغة العربية، وترشيحي لذلك شرف كبير».
0 تعليق