المحيميد: لا أحب تصنيف الأعمال بنمط التصاعدي أو التنازلي

يوليو 28, 2012 | لقاءات | 0 تعليقات

بينما يتأسف على منع “نزهة الدلفين” في المعرض..  المحيميد: لا أحب تصنيف الأعمال بنمط التصاعدي أو التنازلي   حوار: منال العويبيل  بينما يعد ورقة عن تجربته في الكتابة وترجمة روايته “فخاخ الرائحة” إلى الإنجليزية، للمشاركة في معرض لندن الدولي للكتاب يوم 6مارس، في ندوة ينظمها المجلس الثقافي البريطاني حول ترجمة الأدب بين العربية والإنجليزية، ضمن روائيين عرب

ومستعربين بريطانيين، ودور نشر بريطانية وعربية.. يجد الروائي السعودي يوسف المحيميد ذاته مطارداً للوقت الذي يسبقه دوماً كما يقول. نلتقيه اليوم على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب مقتنصاً من ثمين وقته ليشاركنا ودود دلافينه، وروائح فخاخه.

* إثر منع رواية “نزهة الدلفين” محلياً إلى جانب تردد خبر حجبها في معرض الرياض الدولي للكتاب.. هل تظن مثل هذا الوضع أن المنتج الإبداعي يوفى حقه من الوصول للقارئ متكلاً استجدائه مصادر خارجية ؟.  – المشكلة أننا بدلاً من حلّ مشكلة الرقابة بشكل جذري، اخترعنا درجات من الرقابة، فالعمل المحظوظ هو الذي تجيز الرقابة مخطوطته، من أجل طباعته في الداخل، وهذه أفضل حالات الرقابة، أما الثانية فهو أن ترفض الرقابة المخطوط، ويتم طباعة الكتاب في الخارج مثلاً، ثم تبدأ دوامة جديدة، في محاولة الكتاب ككتاب خارجي، وهذا الكتاب يمنح أحد نوعين من الإجازة، إما إجازة دائمة ويتم توزيعه في مكتبات الداخل كلها، أو إجازة مؤقتة وهي إجازة معرض، ويتوفر فقط خلال عشرة أيام معرض الكتاب، والأمر الأصعب من الرقابة هو منع الكتاب نهائياً من الطباعة والتوزريع وحضور المعارض. للأسف “نزهة الدلفين” تعيش الأمر الأخير، ربما أيضاً عدم مشاركة أو إقصاء دار رياض الريس عن المشاركة ساهم أيضاً في عدم وجود الرواية، عموماً ليس أكثر إحباطاً من أن أقابل مئات القراء، ويسألونني السؤال المؤلم: أين نجد نزهة الدلفين؟. وبعضهم يقول: أين أجد الدلفين؟ فأجيب ساخراً: في محيط الرقابة!.  * “نزهة الدلفين” تاسع إصداراتك. بعد هذه الخطى التسع هل تنظر لمجموع منجزك الإبداعي كدرجة تاسعة من سلم تصاعدي؟ أم تفضّل جعل كل حالة إبداعية تتولد بمنأى عن سابق، ومتحررة من قادم؟  – لا أحب تصنيف الأعمال بنمط التصاعدي أو التنازلي، كل رواية لها حالة خاصة، في عالمها، مكانها، شخوصها، وقائعها، وبالتالي أسلوب الكتابة الخاصة بها، ومعمارها، واللعبة الحكائية المستخدمة فيها، لذلك أحرج حين يسألني صحفي أو قارئ: هل نزهة الدلفين مثل القارورة أم فخاخ الرائحة؟. فأجيب بأنها نمط آخر، ليس بالضرورة أن تشبه هذه أول تلك، بل لعلي لا أريدها أن تشبه شيئاً آخر ما عدا ذاتها! فحينما أفكر في مشروع رواية جديدة، أسأل نفسي سؤالاً مؤرقاً يحمل بذرة القلق: ما الجديد الذي سأضيفه؟ وأعني الجديد الذي سأضيفه للرواية إجمالاً، ولتجربتي على الأقل!.  * قدمت الرواية بتوطئة من كتاب “عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات” للقزويني فيما وصف به الدلفين. هل ذلك من باب التعليل النسبي لخيار المسمى مثلاً، أو ما يشبه إخلاء طرف من السارد لأي: (لماذا) من القارئ، لتصبح: (لمَ لا) من الراوي؟  – لا أبداً، مقولة القزويني هي مجرد دعم لخصائص الدلفين المبارك الذي ينقذ الغرقى، والدلفين في الرواية هو يد البنت التي تعانق يد الشاب الغريق بالملل والأسى والضجر، فتنقذه إلى حياة بديعة من الحب والصمت والمرح والحزن، هكذا تحولت اليد التي تشبه دلفيناً إلى منقذ غريق من نوع آخر!. * تفخيخ السرد بالنفس الشعري كما يبدو في روايتك.. هل ينحى بالقارئ لتذوق عاطفي للنص مما قد يغلب على تتبعه الموضوعي لتقنيات السرد الموجودة وبنية الحدث؟.  – لغة هذه الرواية مختلفة شيئاً ما، وهي بالضبط كما سؤالك تنحو صوب الشعري، كون الشخصية الرئيسة خالد اللحياني شاعراً، وكذلك البنت صحافية ولها محاولات شعرية، ورغم ذلك أظن أن الناقد سيكتشف التقنية السردية المستخدمة في هذه الرواية، والتصاعد في الحدث، وتشظية الزمن فيه. * حضور الدلفين في ثنايا الرواية أحدثت نوعاً من التكرار النسبي للفكرة بإلحاح. هل يمكن عد ذلك من قبيل تندية أرضية الحدث.. عن طريق تحويل القارئ لمنعطف ما عوضاً عن تصعيد الحدث نفسه؟.  – التكرار هنا يدخل في جمالية العمل، فحين تتكرر كلمة أو جملة معينة في قصيدة، فإن الشاعر هنا يريد أن يعيد شحذ الحالة، هي هكذا في الرواية، كانت طريقة أسلوبية لدفع الحالة إلى أقصى تخومها.  * بغض النظر عن تراكمية الخبرة الإبداعية.. هل يعد إنهاء عمل إبداعي نقطة ابتداء لرديف قادم؟ أم تنزح لجعل كل عمل حالة تخلّق مفردة؟.  – لا أميل إلى اتخاذ كتابة الرواية كسلسلة أعمال، نهاية إحداها تقود إلى الأخرى، لأنني لم أكتب ولا أفكر بكتابة روايات الثلاثية والرباعية والخماسية، أشعر أن كل رواية حالة خاصة منفردة ومستقلة بشخوصها ونمطها وأسلوبها ولغتها ووقائعها وزمانها ومكانها، ومع ذلك يبقى التراكم الروائي هو ذريعة الناقد لدراسة مجمل تجربة الروائي، بمعنى أن الناقد الحاذق يلتقط عناصر إلتقاء بين الروايات، كثيمة التأجيل في رواياتي، أو الزمن أو اللغة.. وهكذا. * إذ تعتزم إتمام ترجمة روايتك ” فخاخ ” للإنجليزية.. هل ترى أن النص المترجم مدين للأصلي بأن يكون نقلاً مخلصاً له.. أم قد يطاله توجه انتقائي قد تتطلبه الترجمة؟.  – طبعاً ترجمة “فخاخ الرائحة” انتهت ترجمتها منذ ثلاثة أشهر، بواسطة البريطاني توني كالدربانك، وهي الآن لدى ناشر بريطاني بهدف نشرها، ومن خلال هذه التجربة وتعاملي المباشر مع المترجم، وحرص المترجم ودقَّته الشديدة، لابد أن يطال الترجمة شيئاً من المشاورات بين الكاتب والمترجم، لسبب بسيط هو في اختلاف اللغات والثقافات، قد يخطئ هو في فهم جملة أو ما وراء المعنى فيها، فكان لابد أن أتحاور معه، بل أن التعديل قد يطال العنوان نفسه، فما يعد عنوان أدبي وجذّاب في لغة، قد لا يكون كذلك في لغة أخرى. * وأنت مقبل على تقديم ورقة حول تجربتك في الندوة التي ينظمها المجلس الثقافي البريطاني حول ترجمة الأدب الشهر المقبل.. هل ترى بأن للأمر مسحة من مسئولية تمثيل وطني، أم تفضل قصره على التمثيل الشخصي؟.  – بالتأكيد أنا أنتمي إلى وطن ما في هذا الكوكب، وطن أحبه إلى درجة لومه دوماً وأبداً، لكنني أحب دائماً أن أمثِّل ذاتي، حتى لا أتحدَّث باسم الوطن، فلست مسؤولاً رسمياً فيه، ولست وصياً على فكر الإنسان وأطروحاته هنا، وليس هو وصياً ولا قيداً على رؤيتي وآرائي، من هنا لا أحب أن أحمِّل نفسي أعباء أكبر من طاقتها، صحيح أن ثمَّة شعور بالفخر أن أجد اسم بلادي في مثل هذه الندوات العالمية، لكنني أقول دائماً ما أريد، وليس ما يريده الوطن أو أي سلطة فيه، بالضبط كما الكتابة، كلما كنت متخلصاً من الرقيب الذي يقف فوق كتفك، كلما أصبحت حرَّاً ومتألقاً في إبداعك. * هذه التجربة التي قد تعد سيرة كتابية ربما.. هل تعتبرها نقطة نظام/ محطة تفحصت فيها مشوارا بما يشبه العصف الذهني لما أُنجز سابقاً؟.  – نعم بالضبط هي كذلك، شريط بانورامي سريع لمحطات وتحولات متتالية على مستوى الكتابة، وجهة نظري الخاصة بالكتابة، وبما أنجزت، ومأزق ترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية، كل هذه عناصر تتشكل منها ورقتي، فضلاً عن قول ما يعد جديداً لهؤلاء، من أن بلادي مليئة بكنوز حكايات ومتاهات أغنى من كنز النفط الذي لا يعرف سواه الغرب عنا.  * المشاركة في التظاهرات العالمية الثقافية تثري المبدع العربي بتجارب قد تتسم بالنموذجية والاحتراف.. فكيف قد يثريها هو بعيداً عن مجرد التعريف ؟  – لا يرتبط الأمر بالتعريف، وإلا كان كتاباً مترجماً لي، يكفي عن حضوري في مثل هذه الندوة، لكن الأمر يرتبط بنقاش وجدال حول وضع الأدب العربي، وفرص وصوله إلى العالم، وأسباب وجوده على نطاق ضيِّق، ما أريد قوله هو أنني وزملائي الروائيين والشعراء العرب، سنقدِّم الأسباب التي نرى أنها قللت من فرص حضور الأدب العربي في الثقافة الإنجليزية، أظن أن وجود سعدي يوسف وحنان الشيخ ومريد البرغوثي ورضوى عاشور وكبار المستعربين البريطانيين، وكبار الناشرين البريطانيين والعرب، سيوجد فرصة لمداولة الأمر، والبحث عن وسائل تحقق روابط وثيقة بين كل هؤلاء، المبدع شاعراً أم روائياً، مع ناشره العربي، والمترجم الأجنبي والناشر الأجنبي أيضاً، أليست هذه الأضلاع الأربعة هي عناصر نقل الأدب من لغة إلى أخرى؟ أظن ذلك، وهذا ما يتجاوز مسألة التعريف، فالأوربيين كما أعرف ليسوا هواة مظاهر وكلام، فليسوا ظاهرة صوتية، هم لا يطرقون أمراً إلا حين يكونون جادين فيه وجاهزين تماما.   جريدة اليوم- عدد11948 في 2مارس2006م  

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *