ليس أكثر عبثاً من أن يكتب أحدنا عن الأندية الأدبية، فهي تشبه الكتابة عن موتى، أو ضرب موتى، ولكن لأن هذه الأندية تحفل دوماً بطرائف ومواقف عجيبة، يأتي إيرادها ليس من قبيل الإنتقاد ولكن لأجل التسلية وتزجية الوقت أحياناً. فالإنتقاد يعني محاكمة نشاطات هذه الأندية، ومطالبتها بميزانية تقديرية مطلع العام المالي الجديد، ومن ثم ميزانية فعلية في نهاية العام، وإيجاد الإنحراف
الرقمي بين هاتين الميزانيتين، ومعرفة أوجه صرف مخصصات النادي، وما حققه من إنجاز فعلي وحقيقي، وليس إعلامي، وذلك في جوانب إصدارات الإبداع والفكر والثقافة، وفعاليات الأنشطة المنبرية المختلفة، وتبني هذه الأندية كل تيارات الإبداع المختلفة واتجاهاتها، ووجود لجان فعلية وذات دور مؤثر، وليست لجان إسمية ذات مخصصات ومصروفات دون وجود دور واضح لها، وأعني باللجان هي مايخصص من لجان للقصة والشعر والرواية والمسرح وأدب الطفل والدراسة النقدية وغيرها، لتقوم هذه اللجان بدراسة كل ما يرد إلى النادي من مخطوطات جاهزة للنشر وتقييمها، ومن ثم اعتماد نشرها أو الإعتذار عنها، إضافة إلى وضع خطط سنوية للأمسيات والندوات والمحاضرات عن طريق إقرار هذه اللجان، كل لجنة في مجالها، لا أن تترك الفعاليات المنبرية لمزاج رئيس النادي والمنتفعين من حوله!! الإنتقاد يعني محاسبة كل الأندية التي وصلت إلى ثلاثة عشر نادٍ (لا أعرف سرّ الرقم 13) عن ما قدّمت للمثقفين والمبدعين الذين يتواجد معظمهم في الخارج، حيث كتبهم وإبداعاتهم تطبع في دور النشر اللبنانية والسورية والمصرية، بينما تتجاهلهم الأندية الأدبية، في ظل انصراف الناشر الخاص المحلي إلى طبع كتب غير ذات علاقة إطلاقاً بما يحدث في العالم في جميع المجالات، الفكرية والإبداعية والثقافية عموماً، فضلا عن التخلف الطباعي وأصول صناعة الكتاب بشكل إحترافي جيد. لذا دعونا من الإنتقاد، لأن غيري من الكتاب والمثقفين قالوا الكثير، لدرجة أن بعضهم نسي حرفة الكتابة، لكثرة ما انشغل بحرفة الكلام، ولنأخذ نموذج رئيس نادي أدبي عجيب وغريب، إذ يتفاخر دوماً أنه استطاع خلال عدد من السنوات توفير كذا مليون ريال، ليبدأ بناء مشروع النادي بهذه المبالغ، تخيّلوا!! فهل موت النادي وانطفاءه كل هذه السنوات، وتخليه عن دوره الثقافي والأدبي في المنطقة، كان بسبب تحوّله إلى شركة مقاولات؟ إلى شركة بناء وتعمير واستثمار؟ وهل تحوّل رئيس النادي بدوره من كونه رئيس نادي أدبي، ومثقف وأديب كما يفترض، إلى مقاول بناء؟؟ والتساؤل الأكثر مشروعية، أين تذهب أموال الأندية الأدبية التي لم يكن رؤوسائها مسؤولين عن صروح ثقافية منتجة؟ ولم يصبحوا مقاولي بناء إسوة بصاحبنا الرئيس؟! ــــــــــــــــــ كُتب في سبتمبر 2002م
0 تعليق