(الرياض-رويترز- أندرو هاموند) – عندما نشر يوسف المحيميد روايته “فخاخ الرائحة” قبل أربعة أعوام لم يتخيل قط أنها ستثير الكثير من الاهتمام في بلده المملكة العربية السعودية فما بالك بالغرب. لكن الرواية خلقت للمملكة العربية السعودية مكانا متميزا في الساحة الأدبية العربية التي تهيمن عليها عادة مصر وهو وضع غير معتاد بالنسبة لدولة توصف بأنها في حالة ركود ثقافي كما
وجدت الرواية جمهورا لها في الترجمات الانجليزية والفرنسية. لكن المحيميد يواجه اتهامات في السعودية بنشر الغسيل القذر للدولة أمام الغربيين الذين يبحثون عن أي سلبيات على أرض ينظر إليها على أنها معقل التطرف الإسلامي بسبب ابنها الشهير أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الذي يتزعمه. وقال لرويترز في مقابلة في مسقط رأسه بالرياض “أجد بعض التلميح من بعض المثقفين بأن هذا الكاتب ينشر الغسيل ويريد أن يحضر نفسه في الغرب على حساب أصالة المجتمع والقيم.” وأضاف “برغم سعادتي أن تصل الرواية السعودية والأدب العربي عموما إلى العالم ويفرض نفسه بشكل قوي دائما أصاب بقلق عما إذا كان القارئ في العالم يبحث بعين المتلصص على هذا المجتمع المغلق.” وأضاف: “هذا لا يعني أن يتنازل الكاتب عن دوره في كشف هذا الواقع الاجتماعي بكل جرأة وبكل حيادية أيضا. لا أحب نظرية المؤامرة التي يعاني منها كثير من الكتاب العرب.” وحذر معلقون سعوديون من “صناعة” ناشئة خاصة بالكتابة عن المملكة العربية السعودية حيث أن هذه الصناعة تواجه خطر الانزلاق إلى الصور النمطية الجاهزة وتسويقها على أنها ممثلة للمجتمع بغرض تحقيق مكاسب سريعة. وكانت طالبة سعودية في كلية طب الأسنان حققت نجاحا كبيرا قبل عامين بروايتها العربية “بنات الرياض” وأعقب الرواية التي نشرت في جميع أنحاء العالم باللغة الانجليزية عشرات الأعمال التي يشك النقاد في وجود أي قيمة لها. لكن الأمر مختلف بالنسبة للمحيميد الذي تتجنب روايته “فخاخ الرائحة” استخدام المواد الجاذبة للجماهير مثل حياة الأشخاص الجنسية ليغوص في النسيج الاجتماعي السعودي المتشابك بسرد فني رائع. وأمضى المحيميد عاما في أبحاث عن تجارة الرقيق القديمة التي جلبت أطفالا سودانيين إلى المملكة العربية السعودية وحياة لص بدوي وعالم نباتات الصحراء وعنصرية المجتمع السعودي في الوقت الراهن قبل أن يشرع في كتابة الرواية. وكانت النتيجة عبارة عن وصف مزعج لمجتمع قاس أحيانا دفع فيه الإنسان ثمنا باهظا من اجل التحديث. وقال “منذ عشرات السنين يعيش هذا الرجل البدوي في الصحراء ويعاني .. في الصحراء أرى العدو بعيني واستطيع أن أقاتله وأجابهه. الآن لا استطيع أن أراه في المدن. كل شيء في هذه المدينة يتآمر ضدك.. يحاول أن يبقيك في الأسفل.” ومضى يقول “أنا أحببت أن أكشف عن هذه المسائل وأيضا التمييز العنصري”. مشيراً إلى الصعوبات التي واجهها العبيد السابقون الذين أعتقوا في الستينيات للاندماج بعد ذلك في المجتمع. ويقول المحيميد انه يحاول استخدام نفس النهج التقمصي في الأعمال التي لم ينته منها والتي تتعامل مع القضية التي تثير الكثير من الاهتمام الغربي بالمملكة العربية السعودية وهي التطرف الديني والمفجرين الانتحاريين والقتل في العراق. ويجادل بأن الأدب الذي أنتجه المثقفون الليبراليون السعوديون على مدى العقد الماضي اتفق في الواقع مع فكر الغرب من خلال عرض بعد واحد للظاهرة على الأقل فيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية. وقال المؤلف الذي ستترجم له في الأشهر القادمة رواية أخرى باسم القارورة “ليس من السهل تبسيط الأمر..ليس هناك سبب واحد من الداخل..داخل الدول العربية وبينها السعودية وأسباب أيضا أخرى من الخارج. أنا سأحاول أن اتبع الجانب النفسي وسأعود إلى الجانب التاريخي. وما يحدث من الإرهاب الآن هو امتداد لأشياء قديمة جدا.” ويقول المحيميد الذي يقر برقابة الدولة والرقابة الذاتية أن التحدي الرئيسي للكتاب السعوديين اليوم هو تجاوز الحساسيات المحيطة بالقضايا الاجتماعية والدينية لتركيز الانتباه على فن الكتابة نفسها. وقال “لا يكفي ماذا تكون يجب أن نفكر كيف تكون ذلك. عادة كيفية القول تكون مفروضة بسبب الموضوعات. إذا وصلت إلى مرحلة أن كل هذه الموضوعات تستطيع أن تكتبها بكل حرية وبكل بساطة وبكل شفافية سوف تنصرف إلى المرحلة المهمة في نظري وهي كيف تقول هذه الأشياء.
0 تعليق